الحاجة أُم الإختراع : تجارب مُلهِمة لتطوير كتب ومحتوى شيق باللغة الأم !

اللغة الأُم هي اللغة اللي بيتعرض لها وبيتعلمها الطفل في حياته اليومية من قبل ما يتعلم المشي أو حتى يروح الحضانة.

خبراء اللغويات والتعليم حول العالم عملوا أبحاث كتيرة ولقوا ان توفير موارد مكتوبة ومرئية ومسموعة باللغة الأم للطفل من صغره، بتساعده على زيادة حصيلته اللغوية والإدراكية وبتساعده كمان على تنمية مهاراته القرائية – يعني انه يعرف يقرا ويكتب بعدين.  

تأسيس مبادرة حادي بادي نابع من إيماننا القوي بأهمية اللغة الأم وتوفير المعلومات وزيادة الوعي بكل ما هو متوفر من كتب وموارد متنوعة بالعربية سواء كانت بالعامية أو الفصحى حسب المرحلة العمرية والمستوى اللغوي للطفل عشان نساعد الأهل ومقدمي الرعاية من تقريب الطفل أكتر  من الكتاب العربي من أجل تجربة قرائية ممتعة. 

بمناسبة اليوم العالمي للغة الأم، حابين نشارككم تجارب ست ستات مصريات مُلهِمات بيستخدموا اللغة المحكية كأداة لتطوير محتوى شيق وتعليمي يساعد الأطفال على اكتساب مهارات اللغة العربية  !

هبة دانش، شمسنا

أولًا كل سنة و لغتنا الأم طيبة و بخير !

جمال اللغة الأم في حاجتين، أولًا ان الطفل بيتعلمها بسلاسة و تلقائية شديدة، وثانياً ان طريقة تعليمها للطفل مُسَلِّية و لطيفة لأنها كلها أغاني و لعب و حكايات بتبني رابط مش بس بين الطفل واللغة لكن كمان بينه و بين عيلته. 

شمسنا بدأت بفكرة إن الأطفال يبنوا أساس قوي للغتهم بطرق مسلية تدي فرص للعيلة انها تبني الروابط دي – مثلاً الأغاني الشعبية في أجيال كبروا بيغنوها. فيه جدود بيبعتوا لي لاقيين في الأغاني دي طريقة قريبة لقلبهم للتواصل مع أحفادهم بالذات لو عايشين بعيد عنهم. ربط الثقافة و الهوية المصرية عنصر مهم بحاول أدخله دايما في شغلي بطرق مختلفة.

لما كتبت أول كتب للأطفال الصغار و شفت نجاحهم، ابتديت أكتب حكايات لأطفال أكبر شويه و أغاني سهلة ممكن تتغنى في أي وقت.

دلوقتي شمسنا داخلة على مرحلة جديدة بوجود أغانيها و حكاياتها الجديدة على يوتيوب. الفكرة إنها تبقى في متناول الجميع في أي مكان وفي أي وقت وتبني رابط جديد سهل ومسلي بين العيلة و بعض. مهما المسافات بعدتهم يقدروا يفتحوا يوتيوب و يغنوا و يحكوا حكايات و يبنوا سوا لغتهم الأم.

هبة دانش درست إدارة أعمال ولكنها اشتغلت في مجال التعليم وعندها خبرة واسعة في التدريس وطرق التعلم المختلفة بالإضافة إلى مصاحبة الأهل في اختيار أساليب التربية المناسبة مع شخصية كل طفل. 

ريهام شندي، توتة توتة

“أنا بحب اقرا كتب لعيالي بلغتي علشان يفهموني” جملة بديهية جدا! هيّ فعلاً بديهية، لأن في أغلب البلاد، الناس بتكتب زي ما بتتكلم. إنما وضعنا في البلاد العربية مختلف! بنقول لأطفالنا في مصر “إلبس هدومك دلوقتي حالاً” ونلاقيها في كتاب مكتوبة “ارتدي ملابسك في الحال”، وبنقول لأطفالنا “يلّا نرُوح الجنينة” ولكنها في الكتب مكتوبة “هيا نذهب إلى الحديقة.”  

وده بالظبط سبب تأسيسي لمبادرة توتة-توتة ونَشري لكتب أطفال بلهجتنا المصري، وهوَ ضرورة وجود كُتب يفهمها أطفالنا من غير عناء وبدون الشعور بأن الكتب أداة دراسية. دَوّرت على كتب للأطفال بلهجتنا لعيالي ومالقيتش. واستعجبت لما شفت كمية كتب الكبار بالعامية، منها كتب أكثر مبيعاً، وكتب حصلت على جوايز وكتب اتعملت أفلام ومسلسلات فقلت “معقولة نكتب للكبير بالعامية علشان يحس بالنص مش للطفل اللي لسه متعلمش فصحى!” واستغربت أكتر لما شفت مجلات أطفال قديمة زي ميكي وكروان وسمير بنصوص بالعامية وقلت “معقولة كنا زمان أقرب للعِلم عن أهمية دور اللغة الأم للطفل عن ما احنا دلوقتي.” لما أطفالنا يستمتعوا بالكتب من سن صغير ويلاقوها قريبة منهم في لغتها ومضمونها، هيحبوها بأي لغة يتقنوها بعدين ــ بما فيها اللغة العربية الفصحى. 

لازم نمنح أطفالنا الفرصة والوقت عشان يتعلموا الفصحى قبل ما نتوقع منهم الاستمتاع بيها وقبل ما نستعجب ونستنتج أن الأطفال العرب “مش بتوع كتب!” اقرأوا لأطفالكم بلغتنا الأم (أي لهجتنا) لما يكون الغرض هو بناء علاقة صحية مع الكتب والاستمتاع بالقراءة والترابط الأسري. واقرأوا لأطفالكم بالفصحى (أو أي لغة أجنبية) لما يكون الغرض هو تعليم اللغة.  وخلينا فاكرين ان لكل مقام مقال!

لما بدَأت بنشر أول كتاب ليه في 2020، كانت كُتب الأطفال اللي بالعامية شبه معدومة. ولكنها زادت في خلال الفترة اللي فاتت بسبب مجهودات فردية … كُلها جهود آباء حَسْوا بالمشكلة وبيحاولوا يصَلحوها بنفسهم. أتمنى مع زيادة الكُتب العامية تقوم جهود رسمية لوضع معايير للكتابة بها. بنشوف في الكتاب (بحِبَك – حَتنام – علَشان) وفي كتاب تاني (باحِبَك – هَتنام – عَشان). ومانقدرش نقول أيا منهم خطأ لغاية ما يتم خلق معايير رسمية للكتابة بلهجتنا.

وأخيراً أتمنى للجميع يوم “لغة أم” سعيد.

د/ ريهام شندي حاصلة على دكتوراه في الاقتصاد التطبيقي. عملت سابقاً في مجال التنمية في البنك الدولي. قامت ريهام بنشر عدة دراسات أكاديمية في مجالات مختلفة. مؤخراً (في 2019  و2022) نشرت دراستين أكاديميتين حول موضوع ازدواج اللغة العربية، وبالخصوص عن دور اللغة الأم (أي اللهجة العامية) في التعليم  المبكر وقرائية الطفل.

ميرام خميس، كتب عصفورة

في حاجات كتيرة جوهرية في حياتنا مش بنقدّرها كفاية؛ زي لغتنا الأم. ودي حاجة حصلت لناس كتيرة أنا كنت واحدة منهم. 

عشت حياتي مش مقدرة تأثير اللغة على أفكاري، مشاعري، وحتى النكت اللي بنقولها. أخدت بالي متأخر أن حزني أصدق وأقوى وهو بيتحكي بالعربي، إني لما باحب أقدر مامتي باقول لها “يا أمي”، وإن قدرتنا كمصريين على الوثب ببساطة ما بين لغتين في أي حوار هي مهارة سحرية، خسران اللي يفوّتها. 

أدركت قيمتها في نقاش مع صديقة ليا عايشة بالخارج، وبتحاول بكل قدراتها تعليم أولادها يتكلموا عربي بطلاقة. فهّمتني أن اللغة هي أول أبواب الهوية، وأن فهم أطفالنا للعربي هيخليهم يفتحوا بنفسهم أبواب من اختيارهم، هيخليهم يحللوا الأخبار بنفسهم، مش بس اللي منقول لهم. وهيفهموا خفة دم أهلهم، ويعيشوا تراثهم وتقاليدهم بإحساس مش بيضعفه حاجز الترجمة. عشان كده اللغة الأم لأي إنسان هي فعلًا من أهم العناصر في تكوين شخصيته. 

من وجهة نظري، إحنا في حاجة لإعادة توجيه تربيتنا لأطفالنا. زيّ ما بنشجع تفوقهم الدراسي، لازم نشجعهم على اكتشاف هويّتهم اللي اللغة ركن أساسي منها. وزيّ ما بنحاسب المصري على إنجليزيته الركيكة (وهي مش لغته الأم أصلًا)، لازم نخجل من اللغة العربية الضعيفة لكل مصري عايش في مصر. لازم نحفّز أطفالنا على ممارسة العربي بطرق جديدة ومشوقة؛ زي توفير قصص بالعامية المصرية. لأن دي لغتهم اللي بيتكلموا بيها وبيعبروا بيها واللي بتأثر على قدرتهم في النقاش والحوار. 

لما نغير نظرتنا لجوهر لغتنا، وقتها بس هنقدر فعلًا نضيف لثقافتنا.

ميرام خميس درست إدارة أعمال واشتغلت في مجال الإدارة المالية لسنوات عديدة وقررت تأسس كتب عصفورة علشان إيمانها بأهمية توفير قصص للأطفال بالعامية.

ندى ثابت، لِبلِب

لبلب دار نشر لكتب الأطفال بالعاميات العربية. هدفنا نغرس حب القراية بتقديم قصص مبتكرة وملهمة  ومتنوعة وسهلة المنال للأطفال اللي بيتكلموا عربي، بلهجتهم الام. احنا ابتدينا ب 11 كتاب معمولين من الكارتون المقوى بالعامية المصرية ينفعوا الأطفال من سن الولادة لحد 5 سنين وهنكمل لحد ما ننشر بكل اللهجات و لكل الأعمار.

الفكرة جات لي في يوم كنت مسافرة وحابة اشتري كتب لأطفال اصحابي واكتشفت ان الكتب الموجودة مواضيعها ورسوماتها قديمة والمختلفين مش موجودين طول الوقت، ومن  هنا بدأت أدعبس وأسأل عن النشر عامةً و النشر للأطفال تحديدا و ابتديت احلم ان الاطفال اللي العربي لغتهم الأم يحبوا الكتب العربي و رحلتهم للقراءة تكون ممتعة و سهلة بالنسبة لهم. و عشان الحلم ده يتحقق أسست دار لبلب للنشر مع اتنين أصدقاء عندهم نفس الأمنية. و انا مبسوطة ان بقى في كذا دار نشر و ناشرين مستقلين عندهم نفس الحلم ده و كلنا بنشجع بعض عشان يكون فيه كتب بالعاميات أو اللغات الأم متوفرة في السوق بسهولة. انا كنت في معرض الكتاب و لقيت كتب بالعامية المصرية متاحة، و متفائلة بكل المجهود اللي اتبذل و التجارب المختلفة و حاسه ان اكيد هيكون في اكتر السنين اللي جايه.

أحب أقول للناس في اليوم العالمي للهجات الأم جربوا الكتب بالعامية وشوفوا أولادكم بيتعلموا يقروها بسهولة وبعدين الانتقال للقراءة بالفصحى هتكون اسهل لانهم هيكونوا بيقروا خلاص.

ندى ثابت درست علم نفس ومسرح وعملت ماجستير في ريادة الأعمال الفنية. بجانب النشر، بتشتغل كمدربة و منسقة و كاتبة و مخرجة مسرح و مبرمجة مناهج مع أطفال و كبار، محترفين و هواه.

ليلى سامي، دندنه

حسيت ان مافيش تنوع كافي لمحتوى الأطفال باللغة العربية عموما و باللهجة المصرية بشكل خاص…عشان كده بدأت حواديت دندنه. 

بدأت مشروع دندنه في 2020  وقت الكورونا،  بدأت بالرسم على التي شيرتات و بعدين الفكرة فضلت تتطور لحد ما بقيت حواديت للصغار و الكبار و بإمكانيات بسيطة جدا قدرنا نطلع أول حدوتة “الفار المزيكاتي ” واتمنى انها تعجبكم. شكر خاص للفنانة الرسامة مرح تعمري اللي تحمست للفكرة و للفنان الموسيقي أيمن عصفور على مشاركتهم في أول حدوتة.

ليلى سامي فنانة مصرية متعددة التخصصات. درست الأدب الإنجليزي والتصوير السينمائي. بتشتغل في مجالات المسرح  والموسيقى والسينما. كانت عضوة في فرقة الورشة المسرحية بين سن 16 و 23 سنة وتعلمت من خلالها أساسيات وأصول التمثيل والإلقاء والحكي و الغناء الشرقي من خلال العديد من الأدوار الغنائية والتمثيلية. مثلت عدة أدوار على خشبة المسرح وفي السينما واشتغلت كمان كمديرة تصوير في عدد من الأفلام القصيرة بالإضافة إلى الأفلام الروائية والوثائقية.

سوسن خليل، كلامنا

اللغة الأم هي اللغة الأولى اللي بنتعلمها واحنا أطفال وبتكون منسوجة بطريقة مركبة داخل هويتنا الشخصية والاجتماعية والثقافية. حقيقي ما فيش هدية ممكن نقدمها لأطفالنا في العالم المتغير باستمرار أعظم من اللغة الأم اللي صداها موجود في وجدناهم وكمان بتساعدهم على التواصل مع تراثهم وثقافتهم.

من خبرتي في تدريس اللغة العربية لغير الناطقين بها بجامعة كامبريدج ولما بقى عندي أطفال، قررت تطوير منهج مبني على استخدام الصوتيات مع كلمات ومواضيع من حياة الطفل اليومية. لقيت ان الطريقة دي بتساعد الطفل على بناء المفردات المشتركة بين العامية والفصحى وبتخليه يكتسب الثقة اللازمة في تنمية مهارات القرائية يعني القراءة والكتابة، ومن هنا بدأت مدرسة كلامنا ومنهجها المتميز. 

في اليوم ده ، أحب أقدم تحية لكل الأهالي اللي بيحتفلوا بلغتهم الأم ، خصوصا اللي بيربوا أطفالهم في بيئات مش بتتكلم لغتهم. طبعا ده تحدي كبير بس ما تستسلموش. وبالنسبة للي ما قررش لسه لو هيستخدم لغته الأم مع أطفاله ، ماتخافش ما فتش الأوان؛ ممكن تبدأوا بخطوات بسيطة وتبنوا عليها تدريجيا.

د. سوسن خليل حاصلة على الماجستير البحثي في تدريس اللغة العربية لغير الناطقين بها والدكتوراه في دراسات اللغة العربية من جامعة ليدز، كما حصلت على شهادة تدريس اللغة العربية لغير الناطقين بها من جامعة سواس بلندن. تقوم حاليا بالتدريس في جامعة كامبردج في قسم الدراسات الآسيوية والشرق أوسطية، وهي عضوة في المجلس الاستشاري للدراسات المدرسية التابع لشبكة كامبردج للأبحاث في تعليم لغات المجتمع ومؤسسة مدرسة كلامنا. 

>> المزيد عن كلامنا في هذا المقال

محتوى إضافي ذو صلة

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s