دمشق

“تمر السنون على دمشق كطرفة عين والعقود كالثواني، فدمشق لا تقيس الزمن بالأيام والشهور والسنين بل بالحضارات والإمبراطوريات التي مرت بها وازدهرت وعلت ثم انهارت لحطام وخراب، فدمشق شكل من أشكال الخلود”.

مارك توين

اشترطت الخالة أم عدنان على الفتى المسمى كتكتكان أن يحكي لها عن مدينة اسمها الشام كي تخيط له قميص وقنباز. فذهب أولا إلى أم فهمان سائلا “أين مكانها” ومن بعدها إلى خالته أم عرفان ليسألها “من بناها”؟ و من خالة إلى خالة وكل مرة بسؤال مختلف “من سماها؟ كيف الطقس بسماها؟ من أين يشرب سكانها؟ و أين يسكن ناسها؟”؛ نسافر مع كتكتكان عبر الزمان والمكان لنتعرف على قصة مدينة دمشق من خلال سرد الخالات بجمل قصيرة متناغمة تذكرنا بحكايات ألف ليلة وليلة.

برعت الكاتبة والرسامة السورية آلاء مرتضى، التي درست الفنون الجميلة وعملت في ترميم البيوت الدمشقية الأثرية،  في نقلنا في جولة تاريخية أثرية عبر زخارف الغرف العجمية الدمشقية التي استخدمتها في الإطارات والوحدات الزخرفية، بالإضافة إلى رسم وإخراج الكتاب بأسلوب المنمنمات وهو فن كتابة شعبي انتشر قديما في الشرق الأوسط وآسيا الصغرى (من أشهر الكتب التي زينت بالمنمنمات كان مقامات الحريري وكليلة ودمنة). لقد استمتعنا بتطور خريطة دمشق عبر الزمن، وتعرفنا على تصميم البيت الدمشقي، كما تعلمنا عددا من المصطلحات الآرامية المستخدمة في اللغة المحكية حتى اليوم بالإضافة إلى الأشهر السريانية.

وكما بدأت الكاتبة بمقتطفات من أقوال الأديب الأمريكي الشهير مارك توين الذي قام برحلة إلى مدن البحر المتوسط والأراضي المقدسة وبلاد الشام في عام 1867 وسجل انطباعاته ومشاهداته في مقالات أسبوعية تم جمعها ونشرها في كتاب “الأبرياء في الخارج”؛ تختم الكتاب بمقاطع من أشعار عن دمشق من الشاعر والدبلوماسي السوري نزار قباني والشاعر الفلسطيني محمود درويش. 

كتاب غني بالتفاصيل الجميلة والمعلومات القيمة، يقدم حكاية متكاملة بطعم حكاوي الجدات التي تنقلك من زمن لزمن ومن مكان لمكان عن قصة مدينة عمرها آلاف السنين، مدينة اسمها دمشق. سوف يكون رائعا لو رأينا المزيد من نوعية هذه الكتب التي تقدم المعلومات التاريخية والتراثية والمعمارية والجغرافية عن المدن العريقة بصورة مبسطة وبجودة عالية. 

نظرا لثراء محتوى الكتاب من حيث النص والرسم، ننصح بأن يصطحب الكبار الصغار في مطالعته بدءا من عمر 8 سنوات.

الكتاب صادر عن دار البلسم المصرية في عام 2018.   فاز كتاب ” دمشق .. قصة مدينة ” بجائزة اتصالات لكتاب الطفل في فئة أفضل نص لعام 2019  وكان قد وصل الكتاب للقائمة القصيرة لينافس على أكثر من فئة من ضمنها كتاب العام للطفل وأفضل إخراج. 

يعتبر هذا الكتاب الثاني للكاتبة والرسامة آلاء مرتضى. كتابها الأول للأطفال “أمجد في أكون أو لا أكون” صدر في عام 2017 عن دار البلسم أيضا. 

3 comments

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s